Monday, August 31, 2015

مسيحيو “14 آذار” يرفضون تعميم تهم الفساد

يتفق مسيحيو «14 آذار» على أحقية مطالب تظاهرة 29 آب. يتفقون ايضا، على وجوب عدم التعميم في الكلام عن الفساد، والذهاب الى فتح الملفات وتسمية الفاسدين بالاسماء والوقائع. يتفقون كذلك على خريطة طريق المتظاهرين الذين، برأيهم، اجمعوا أنها تبدأ بانتخاب رئيس. أما مخاوفهم الابرز فتتمثل بنقطتين: حرف التظاهرات عن مطالبها المحقة، واستخدامها من قبل جهات سياسية لاغراق البلاد في الفوضى والانقلاب على الدولة.
تبدو «القوات اللبنانية» الطرف «الاكثر انسجاما مع نفسه»، بحسب مصدر مسؤول في «القوات» يؤكد أن «مطالب المتظاهرين هي نفسها مطالبنا. ولقد شارك بعض الشباب والصبايا من القوات بالتظاهرة بملء حريتهم وتعبيرا عن ضيقهم المشروع.. وبرافو عليهم».
يعود المسؤول القواتي الى فترة تشكيل هذه الحكومة ليؤكد «كنا اول من طالب بحكومة تكنوقراط. فهذه الحكومة التي عجزت عن صياغة بيان وزاري، كيف يمكنها أن تكون منتجة وتهتم بقضايا الناس الحياتية؟».
لا تبدو «القوات» شديدة التمسك بالحكومة من حيث المبدأ، لكنها تخاف على البلد من الفوضى. لذا اختارت من مطالب المتظاهرين «البند الاول الذي يطالب بانتخاب رئيس فورا». هذا برأي المسؤول «المدخل الاساسي لتقدم هذه الحكومة الفاشلة والفاسدة استقالتها الى رئيس الجمهورية».
لا يتهرب المصدر القواتي من الاقرار بأن حلفاءهم شركاء اساسيون في هذه الحكومة كما في الكثير من سابقاتها التي حكمت البلد لاكثر من عقدين. يشرك آخرين في تحمل المسؤولية في محاولة للتخفيف من ثقلها. يقول «هنالك مسؤوليات مشتركة واسباب متعددة لهذا الواقع ناتجة عن ارتباطات سياسية وسيادية. ومن الاسئلة التي يجب التوقف عندها: لماذا لم تكن وزارة الطاقة مرة مع تيار المستقبل منذ 1992 الى اليوم؟ اليس غريبا أن تكون دائما مع حلفاء النظام السوري؟ مع العلم أن اكبر نسبة من الدين العام يمكن نسبتها الى الفساد والهدر في ملف الكهرباء».

Saturday, August 29, 2015

فرعون من معراب: الحكومة لا يُمكنها الاستقالة حتى لا تُدخل البلاد في آتون الفراغ


استقبل رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع في معراب وزير السياحة ميشال فرعون على مدار ساعتين خرج بعدها ليؤكد ان “الحكومة تتفهم مطالب المجتمع المدني ولكن حبذا لو كان مطلب انتخاب رئيس للجمهورية من أولوياتها، فصحيح أن الفساد مستشرٍ في كل الملفات الحياتية والمعيشية ولاسيما ملف الكهرباء والنفايات وسواها، ونحن نرى أن تطبيق اللامركزية الادارية الى جانب انتخاب الرئيس تَحُل مجمل هذه المعضلات”.
ولفت فرعون الى أن “مشكلة النفايات من الممكن معالجتها مع اتحادات البلديات في المناطق اللبنانية كافة ولاسيما بعد أن عملنا سوياً لتسويق الخرائط السياحية، فلنحمّلها مسؤوليات إضافية ولنواكبها في الوقت عينه، وقد طرحتُ في مجلس الوزراء أن تتسلم شركات إدارية بالتعاون مع الاتحادات البلدية هذا الملف، كما عرضتُ إمكانية ايجاد مطامر أو الترحيل الى الخارج، لأننا لن نقبل أبداً أن يستمر رمي النفايات مثلاً في منطقة الكرنتينا”.
واعتبر فرعون ان “يوم غد هو يوم مهم بالنسبة للمجتمع المدني ولكن الى جانب المطالبة بالمحاسبة يجب أن يتضمن مطلباً سياسياً واضحاً لنتمكن مطلع الأسبوع المقبل من تعزيز الزخم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية”.
Read more here

Friday, August 28, 2015

جعجع تلقى دعوة لتطويب الشهيد مار فلابيانوس مخائيل ملكي

استقبل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب المطران جورج القس موسى وأمين سر بطريركية السريان الكاثوليك الأب حبيب مراد اللذين قدما له دعوة للمشاركة في احتفال تطويب الشهيد مار فلابيانوس مخائيل ملكي في دير الشرفة في غوسطا.

Wednesday, August 26, 2015

جعجع عرض وعائلة القتيل مطر لمستجدات التحقيقات القضائية

استقبل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وفداً من عائلة القتيل بسام مطر من الفرزل.
وعرض معهم لملابسات الجريمة التي ذهب ابنهم ضحيتها والى آخر ما توصلت اليه التحقيقات القضائية، في حضور منسق القوات اللبنانية في زحلة والبقاع الأوسط ميشال تنوري.

Friday, August 21, 2015

LF, FPM underline common stance on reactivating Parliament

BEIRUT: Free Patriotic Movement chief Michel Aoun delegated MP Ibrahim Kanaan to discuss with Lebanese Forces leader Samir Geagea the two parties' common stance on the Parliament legislation question Friday.

"The controversy is around the agenda. We believe that although many of the exceptional drafts are important, the ones related to the national pact and the authority's components is one of great national interest," Kanaan said after the meeting, held at Samir Geagea's residence in Maarab.

"They should be taken into consideration in addition to the other bills related to finance, which are also a national necessity."

The comments came to reiterate that two parties' MPs would only attend a Parliamentary legislative if its top two agenda items were the bills enacting a new electoral law and naturalizing Lebanese expatriates.

The two parties agreed on the stance in a joint document that Samir Geagea and Michel Aoun announced in June.

Read more at: dailystar.com.lb.

Wednesday, August 19, 2015

Samir Geagea hails Assir’s arrest as “major achievement ”

Lebanese Forces leader Samir Geagea hailed on Sunday the security agencies for their arrest of hardline cleric Sheikh Ahmed al-Assir despite his disguise , calling it a “major achievement.”
Samir Geagea wondered however: “How is it that Assir was arrested, despite his full disguise and fake passport, while the same agencies have failed to arrest the killers of Hashem al-Salman and Sobhi and Nadimeh Fakhri even though they never wore a disguise?” He made his observations via his Twitter account.
Read more here.

Tuesday, August 18, 2015

سمير جعجع: أمطري حيثُ شئتِ!

تضعف الذاكرة، القصيرة أصلاً، فتنسى موقفه من القانون الأرثوذكسي والتمديد للمجلس النيابي. تضعف أكثر فتنسى شعاره: «فليحكم الإخوان». يطوي النسيان الانتفاضات والمحاكمات والادانات والخروج من السجن بعفو رئاسي. يصيب الخرف الذاكرة الى حد يصبح معه رئيس حزب القوات الزعيم المسيحي الثاني ومرشحاً جدياً للرئاسة، ورجل السعودية الأول في لبنان
غسان سعود
لا أحد يستمتع بإجازته الصيفية كما تفعل القوات اللبنانية منذ عدة أشهر. في وقت يقاتل فيه حزب الله في سوريا، وينشغل التيار الوطني الحر بانتخاباته الداخلية والتعيينات الأمنية، ويحاول تيار المستقبل لملمة تداعيات نفاياته، كانت مهرجانات الأرز الشغل الشاغل لرئيس حزب القوات سمير جعجع طوال الأسبوعين الماضيين. يتابع ترتيبات الحفل الاحتفالي، ويساعد النائبة ستريدا جعجع على اختيار فستان السهرة ويطمئن إلى استكمال إليسا «بروفات» الحفلة.
لا تقتصر الإجازة على رئيس الحزب، فالحزب كله يستريح منذ أشهر من التصعيد الدائم والتوتر و»البحث عن مشكل»، لتراوح الأنشطة بين دورات رياضية مناطقية صغيرة وخلوات تنظيمية لبعض القطاعات وندوات توعوية ضد المخدرات واحتفالات مركزية لتوزيع البطاقات الحزبية. أما الأهم، فهو راحة البال: رئيس حزب القوات يغفو فوق الـ»شيز لونغ» في حديقة قصر معراب، مطمئناً إلى استقراره المالي والسياسي والتنظيمي بعد مرحلة عاصفة.

Monday, August 17, 2015

Lebanon fails again to pick new president, political deadlock continues

BEIRUT, Aug. 12 (Xinhua) -- Lebanon fails again to elect a new president because of lack of the constitutionally required two-thirds quorum as the nation's year-long politcal deadlock continues.
House Speaker Nabih Berri adjourned the session and called for a new electoral round on Sept. 2, according to a statement by his media office.
The Lebanese constitution states that a president should be elected by two third of the 128-seat parliament in the first round of voting and by a simple majority in the following rounds.
Only 34 lawmakers were present in the house on Wednesday amid boycott of the Free Patriotic Movement and Hezbollah MPs.
According to the constitution, the cabinet takes over the presidency in case of vacuum which has been continued since the six-year tenure of President Michel Suleiman ended on May 25th 2014.
A sharp division among the major political forces in the country resulted in hindering the presidential elections as neither the western backed March 14 camp nor the Syrian backed March 8 camps has the majority needed to secure a quorum at the house.
The March 14 camp is backing the candidacy of Lebanese Forces leader Samir Geagea, while the March 8 camp backs leader of the Free Patriotic Movement MP Michel Aoun to the first post.

Sunday, August 16, 2015

خاص: هذا ما قاله الدكتور سمير جعجع عن جوزيف عطية

خلال إحياء النجم جوزيف عطية مهرجان الأزر الدولي يوم السبت الفائت وخلال غنائه على المسرح سمع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع يعلّق على غناء عطية بالقول: الله على هلصوت وأضاف عطية نجم “ليكوا كيف مولع المسرح”… 

هذا وكان لافت عندما شارك جعجع وزوجته النائب ستريدا جعجع جوزيف الرقص.

يذكر أنه شارك في نفس الحفل شمس الأغنية اللبنانية نجوى كرم

Saturday, August 15, 2015

جعجع: الاقتراح الجدي لحل ازمة النفايات هو التصدير الى الخارج

اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في تصريح:ان "الاقتراح الوحيد الجدي لحل ازمة النفايات المتفاقمة حاليا، هو التصدير الى الخارج، وكما تبين من نظرة اولية، فان كلفة التصدير هذه، ليست بعيدة كثيرا عن كلفة استيفاء سوكلين لعمليات الجمع والطمر في لبنان".

أضاف: "أستغرب عدم الانكباب بجدية وبسرعة، لدراسة هذا الخيار، كما استغرب من جهة اخرى، إصرار البعض على حلول مضرة بيئيا كمثل الطمر على ارتفاعات تتجاوز ال1000متر عن سطح البحر، وتهدد المياه الجوفية او حلول اخرى لا تقل ضرارا".

Friday, August 14, 2015

عملها سمير جعجع

بين العاطفة والعقل مسافات فارغة حاول بعض اللاهثين إلى استرجاع بعضٍ من شعبيّة خسروها بفعل ممارساتهم السياسيّة إلى ملئها بصفّ الكلام وكيل الشتائم لكتلة نواب “القوّات اللبنانيّة” و رئيس الحزب سمير جعجع.
خطابات وفرمانات حلّلت دماء سمير جعجع الّذي باع  المسيحييّن ونقض اتفاق بكركي، أحكام مبرمة على “القوّات” و نواب “14 آذار” تطلقها الجماعات “العونكشاريّة” على صفحات التواصل الاجتماعي محاولة مرّة جديدة ذرّ الرماد في العيون: “فعلها سمير جعجع”.
نعم فعلها سمير جعجع، فعلها فأسقط بالضربة القاضية كلّ أمل بالعودة إلى قانون الستيّن الذي ادعى الجنرال يوماً أنّه أعاد من خلاله الحقوق المسيحيّة المسلوبة.
فعلها سمير جعجع، تجرّأ حيث لم يجرؤ الآخرون وعاد بالمسيحيّين إلى عصر البطاركة الكبار الذين رفضوا تفتيت لبنان وكان أبرزهم البطريرك الحويّك الذي كان أب لبنان الكبير.
فعلها سمير جعجع  فصدم كلّ مراهن على مرور القانون الأرثوذكسيّ في ساحة النجمة وسقوطه ذبيحة على قوس المجلس الدستوريّ. أوقف اللاعبين على وتر العصب الطائفي للمسيحييّن عند حدود الخطّ الأحمر. أوقف كلّ محاولة لجرّ لبنان إلى فدراليّة مقنّعة تجسّد أفظع صور الفيدراليّات هو الذي جاهر يوماً بالدعوة إلى فدراليّة علنيّة واضحة المعالم والحدود. فعلها سمير جعجع فحافظ على المسيحي في بلدات الأطراف كما يحافظ على المسيحيّ في كسروان و المتن.
في العاطفة: باع سمير جعجع المسيحيّين، فوّت عليهم فرصة انتخاب نوابهم.
في العقل: منع سمير جعجع جرّ المسيحيّين إلى آتون العصبيّات التي ستقضي على التمثيل والمجتمع في آنٍ واحد.
في العاطفة: سار سمير جعجع بعكس ما ارتضته القاعدة المسيحيّة.
في العقل: ستشكرون سمير جعجع  لأنّه جنب المسيحيّين السقّوط في فخ ما اقترفته أيديهم.
لماذا كمسيحيّ أؤيّد ما قام به جعجع؟ بعيداً عن التحزّب الأعمى والانتماء إلى حزب “القوّات اللبنانيّة”، أنا مسيحيّ غيّرت الحرب اللبنانيّة كلّ الديمغرافيا المحيطة بمنطقتي. هذه الديمغرافيا الجديدة جعلت وضع منطقتي رغم قربها من العمق المسيحيّ شبيهاً بوضع مسيحييّ الأطراف. بحسب قانون اللقاء الأرثوذكسي إنّني كماروني سأنتخب لائحة تضمّ أربعة وثلاثين إسماً مارونيّاً من كل المناطق اللبنانيّة. لكن، ألا يضعني ذلك في القرن الواحد و العشرين، فريسة لجيل جديد من الإقطاعيّات الطائفية؟ ألا يجعل هذا القانون موارنة  كسروان و جبيل و الشمال كونهم أكثر عدداً و أكثر تجمّعاً يؤثّرون على رأيي كماروني شوفيّ أو جنوبيّ؟
عذراً، لكنّ استبدال هيمنة بأخرى و لو كانت من نفس طائفتي فهو عودٌ على بدء، وليس خروجاً من واقع فرضه عليّ تغييب المسيحيّين عن السلطة طوال السنين الماضية. إن مجرّد التفكير بسيطرة مجموعة على أخرى و إن كانت  متجانسة طائفيّأً، فهو ضرب لحريّة الرأي وحسن التمثيل.
صحيحٌ أنّه في الأرقام يشكّل القانون الأرثوذكسيّ وسيلة لجعل المسيحيّين ينتخبون جميع نوّابهم، لكنّه في الوقت نفسه يجعل المسيحيّين يحصرون حقوقهم بمعادلة  رقميّة بسيطة هم الفريق الذي كان في أساس قيام لبنان التعدّدي.
فعلها سمير جعجع فعاد بالمسيحيّين إلى دورهم الأساس، فالتعايش المسيحي الإسلامي هو ثروة يجب عدم التفريط بها على ما قاله الإمام المغيّب موسى الصدر.
فعلها سمير جعجع فكان الهجوم عليه، فعلها فشنّ الغيارى حملات التجنّي والافتراء، فعلها فوضع قطار الانتخابات على سكّته الصحيحة، فعلها سمير جعجع فبرهن مرّة جديدة أنّ “القوّات اللبنانيّة” هي أمّ الصبيّ.
فعلها وليته لم يفعلها ربّما عرف المهاجمون والمزايدون حجم الخشبة في أعينهم عوضاً عن البحث عن القذى في عين “القوّات” و قائدها، وربّما عرفوا أنّهم لولا سمير جعجع لكانت الأنتخابات بحسب قانون غير الستّين حلماً من أحلام اليقظة. فمن فم مسيحيّ عاين الجرح وعرف طبيبه. شكراً سمير جعجع.

Thursday, August 13, 2015

بالصور .. نجوى كرم فى ختام مهرجان الأرز .. أميرة من عالم ديزنى !!

اختتمت نجوى كرم مهرجان الأرز الدولي بحضور رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع والنائب ستريدا جعجع وحضور جماهري كثيف حضر من مختلف المناطق اللبنانية.
وبدت نجوى كالأميرات بفستان موف أخذ عقل جمهورها لعالم ديزينى.
See all the pictures here

Wednesday, August 12, 2015

تفاصيل عسكرية وتحديات “خاصة” من حياة سمير جعجع

حاولت الناشطة الحقوقية ندى عنيد في كتابها “سمير جعجع: حياة وتحديات” جمع فصول من حياة رئيس حزب “القوات اللبنانية” في مراحلها كافة: الطفولة في بشرّي، سنوات دراسة الطبّ في الجامعة الأميركيّة في بيروت، متاريس الحرب، مواجهاتها السياسيّة ومعاركها الدامية، سنوات السجن الطويلة، الاتهامات والأحكام، إلى استعادة الحريّة والموقع السياسيّ.
والكتاب هو نتاج 18 ساعة من الحديث خاضتها عنيد مع قائد القوّات اللبنانيّة، وبعض الأبحاث التي قامت بها لمواكبة قصّته الشخصيّة وتحديد الإطار السياسيّ والتاريخيّ الذي دارت فيه.
وتعرّف عنيد كتابها بأنه “فصول حياة متقلّبة وصاخبة بالأحداث، جمعتها بين دفّتي كتاب يختصر مرحلة مهمّة وملتبسة من تاريخ الحرب الأهليّة اللبنانيّة التي كان جعجع من بين أهمّ اللاعبين فيها”. وإلى جانب البُعد التوثيقي، يتضمّن الكتاب تفاصيل غير شائعة عن حياة جعجع وتجربته.
 وتوقع عنيد كتابها نهار الجمعة 24 تشرين الاول في مكتبة أنطوان – أسواق بيروت بنسختيه العربية والفرنسية  الساعة 5 مساءً في مكتبة أنطوان- أسواق بيروت ساحة العجمي.
وهي تؤكد ان قائد القوات اللبنانية “لم يراجع الكتاب، لا من قريب ولا من بعيد، بعد إجراء الحديث معه”.
وفي الآتي، تنشر “النهار” نصوصاً من الكتاب:
الفصل 3: السنوات الحالكة
الكبرياء، نفاد الصبر، السخرية، التسلّط والاستفزاز… تلك الصفات التي أسهمت في إرساء سمعته كمقاتل، ثمّ قائد، وأخيرًا زعيم، لم يعد لها مكان في حياته الجديدة. على غرار الأنبا أنطونيوس الكبير الذي كان يمتحن قدرته على مقاومة الشيطان بالتصبّر على الشتائم التي كان يثيرها بنفسه، بنى جعجع بصبر دؤوب نظام مناعته في وجه الإذلال، فكبت الغضب الذي كان يغلي في داخله كلّما تمكّن من وضع اسم على أحد أصوات سجّانيه الذين لم يكن يرى وجوههم، أصوات باتت أليفة على مرّ الأيّام الطويلة.
… لم يكن من باب الصدفة أن يحرسه أبو شريف تحديدًا. فالحارس الموكّل به خصّيصًا والمكلّف بجعل اعتقاله أشقّ ما يمكن، شخص شرس وحادّ إلى درجة يبدو معها مضحكًا وسخيفًا. “العثمانيّون نسوا أحد عناصرهم في سجن وزارة الدفاع”، قال مرّة للفرقة التي كانت تواكبه إلى قصر العدل، مثيرًا ضحك الجنود. في انتظار بلوغ الترفّع المطلق، كان لا بدّ لسمير جعجع من التسلّح بروح الفكاهة والسخرية.
… ردّد له الجميع باستمرار أنّ الحلّ للمشكلات التي تواجهها القوّات اللبنانيّة يمرّ عبر إقامة علاقات جيّدة مع دمشق. كم مرّة نصحه نائب مدير المخابرات في الجيش اللبنانيّ العقيد جميل السيّد، أحد أزلام اللواء الركن غازي كنعان الذي كان يقول عنه “عيني وأذني”، بزيارة رئيس جهاز الأمن والاستطلاع للقوّات السوريّة في لبنان “لأنّه لا يسعني أنا أن أفعل شيئًا من أجلك” كما كان يردّد.
… تلك المحادثات مع الضابط السوريّ جرت في أجواء من اللباقة الدبلوماسيّة، بدون أن تفضي إلى أيّ نتيجة ملموسة، حيث بقيت المسائل التي جرى بحثها موضع خلاف. كان السوريّون، عملًا بتكتيكهم المعهود، يغذّون الخلافات بين المسؤولين والقادة اللبنانيّين ويدفعون إلى التصعيد، حتّى يهرعوا بعد ذلك لنزع فتيل الأزمة التي أثاروها أو إخماد الحريق الذي أشعلوه بأنفسهم.
يذكر جعجع المحاولة الأخيرة للتوافق مع السوريّين التي لم تُكلّل بالنجاح. كان ذلك في كانون الثاني/يناير 1994، حين زار القرداحة، مسقط رأس عائلة الأسد في شمال سوريا، لتقديم تعازيه للرئيس بوفاة نجله البكر باسل الأسد في حادث سير. انصبّ الاهتمام بالكامل يومها على زيارة قائد القوّات اللبنانيّة وبقيت كلّ الأنظار موجّهة إلى سمير جعجع الجالس في صفوف الزوّار الرفيعي المستوى.
… يُذكر أنّه حين خرج يومها تحت المطر من صالة التعازي، بادره اللواء الركن غازي كنعان عارضًا عليه زيارة دمشق “في أقرب وقت” لتسوية المشكلات العالقة بين حزبه والنظام السوريّ. كان جواب الحكيم واضحًا وقاطعًا: “جئت لمواساة والد مفجوع، لا لإنكار مبادئي أو الموافقة على ما هو مرفوض”. والمرفوض كان “معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق” التي فرضتها سوريا على لبنان من أجل تكريس هيمنتها على بلد الأرز، وتلك الحكومة اللبنانيّة الدمية المؤلّفة من أربعة وعشرين وزيرًا يتلقّون تعليماتهم من دمشق.
… كانت سنة 1988 سنة مفصليّة للبنان. ففي شباط/فبراير من ذلك العام، زارت أبريل غلاسبي، مسؤولة قسم لبنان وسوريا والأردن في وزارة الخارجيّة الأميركيّة، بيروت للبحث في إمكان التوصّل الى اتّفاق بين دمشق والمعسكر المسيحيّ اللبنانيّ على من يخلف أمين الجميّل، قبيل انتهاء ولايته الرئاسيّة في أيلول. كانت واشنطن في ذلك الحين تغازل الأسد الذي أسهم في تحرير رهائن أميركيّين، وقام عبر حركة أمل الشيعيّة المتحالفة معه بالقضاء على الميليشيات السنّيّة في بيروت، وتحجيم الحزب التقدّميّ الاشتراكيّ، وقمع الفلسطينيّين خلال حرب المخيّمات المدمّرة، والتصدّي لتوسّع حزب الله المدعوم من إيران. هكذا أحكمت حركة أمل سيطرتها على بيروت الغربيّة، ممهّدة بذلك لعودة السوريّين بمباركة الغرب إلى هذا الشطر من العاصمة بعدما أُرغمت على الخروج منه في نهاية آب/أغسطس 1982.
فشلت مهمّة غلاسبي، كما فشلت محاولة لاحقة في نيسان/أبريل. فسوريا المعادية لأيّ تفاهم بين الطوائف والفصائل اللبنانيّة، مارست ضغوطًا شديدة على القادة المسلمين الذين لم يسعهم سوى أن يرفضوا أيّ انفتاح ومشاريع اتّفاق طرحتها السلطة، ومنها خطّة من ثماني نقاط عرضها أمين الجميّل.
… عاد أمين الجميّل والتقى مع حافظ الأسد في حزيران/يونيو 1988 في إطار القمّة العربيّة الاستثنائيّة التي أكّدت دعم الانتفاضة الفلسطينيّة. كان ذلك أوّل لقاء بينهما منذ سقوط الاتّفاق الثلاثيّ في كانون الثاني/يناير 1986. تعهّد الرئيس اللبنانيّ بأن يرفع إلى نظيره السوريّ لائحة بأسماء أربع أو خمس شخصيّات يمكنها تولّي سدّة الرئاسة، حتّى يوافق على واحد منها.
… سعيًا لضمان تأييد القوّات اللبنانيّة، توجّه أمين الجميّل ونائب قائد القوّات كريم بقرادوني في 9 تمّوز/يوليو في مروحيّة إلى جبل القطّارة في قضاء جبيل، حيث كان سمير جعجع يقضي فصل الصيف بعد نجاته من ثلاث محاولات اغتيال. كادت الرحلة تنتهي بمأساة، إذ اصطدمت مروحة الطوّافة بكابلات عمود كهربائيّ للتوتّر العالي، ما اضطرّ رئيس الجمهوريّة الذي كان يقود بنفسه المروحيّة، إلى القيام بهبوط اضطراريّ في حقل قمح.
قال الجميّل لجعجع الذي تقدّم للترحيب به: “تصوّر لو وقع حادث كم سيكون من الصعب إقناع الجميع بأنّه لم يكن مدبّرًا”، فأجاب جعجع وهو يضحك، ساخرًا ممّا يُنسب إليه عادة من نوايا مكيافيليّة: “لظنّوا بالتأكيد أنّ بقرادوني أراد أن يصالحنا، فاغتنمنت الفرصة لتصفيتكما دفعة واحدة”.
الفصل 6: للضرورة احكامها
في صباح الأوّل من حزيران/يونيو 1976، دخل ستة آلاف جنديّ ومئتان وستّون مدرّعة للجيش السوريّ رسميًّا إلى لبنان.
… لم يكن من المقبول بنظر مقاتل شابّ في الرابعة والعشرين من العمر لم يختبر دهاليز السياسة وتناقضاتها، الارتهان لقوّة خارجيّة، فيما جذور المشكلة تكمن في الوجود المسلّح الفلسطينيّ على الأراضي اللبنانيّة.
… كان الفلسطينيّون ومسلّحو القوى التقدّميّة قد احتلوا مدينة شكّا الساحليّة ويستعدّون لاجتياح منطقة الكورة بالكامل. وردت أنباء عن مجازر فظيعة ارتُكبت، وفي حمأة الاشتباكات الضارية، هبّ سكّان المنطقة لدعم الميليشيات العاجزة عن التصدّي للهجوم وحدها. كان الظرف خطيرًا. لم يتفوّه سمير بكلمة. عاد إلى المنزل، ودّع والديه الحزينين، وضع بندقيّة والده على كتفه، وانحدر مع ثلاثين شابًّا من القرية في اتّجاه عين عكرين، حيث المقرّ العامّ لحزب الكتائب.
كانت المرحلة الأولى من الهجوم المضادّ المسيحيّ لاستعادة السيطرة على الكورة تقضي بمهاجمة أميون، مركز القضاء. كُلّفت الوحدة المسلّحة التي كان سمير في عداد عناصرها بمهاجمة سرايا المدينة من الخلف، لدحر مقاتلي القوى التقدّميّة المتمركزين فيها وإرغامهم على التراجع صوب خطّ التماس، حيث تقوم وحدات أخرى من القوّات اللبنانيّة بمهاجمتهم مباشرة.
… كان سمير واثنان من رفاقه يحتمون عند مدخل أحد المساكن بانتظار الوقت المناسب للتقدّم، حين وجدوا أنفسهم فجأة أمام مقاتل عدوّ أطلق النار عليهم من مسافة قريبة قبل أن يُصاب بدوره. أصيب طوني جعجع برصاصة مباشرة في جبهته فيما كان واقفًا في مكان مكشوف. نازع فتى الخامسة عشرة على مدى ساعة بدت كأنّها دهر، ورفاقه بجانبه. كانت تلك أوّل مواجهة لسمير مع الموت في ساحة معركة. وكانت تجربة في غاية القسوة، حتّى لطالب في الطبّ. مع حلول المساء، كان المقاتلون قد استعادوا المواقع المحدّدة، غير أنّهم اضطرّوا بعد الخسائر التي تكبّدوها إلى طلب تعزيزات للاحتفاظ بها. حملوا الجثث الممدّدة على الأرض ووضعوها جانبًا، وجلسوا حول بئر منهكين، محبطين وجائعين، ينتظرون المساعدة والطعام اللذين طالبوا بهما مرارًا باللاسلكي. كان الشبّان يسترقون النظر بطرف أعينهم إلى البئر بدون أن يجرؤوا على الاقتراب منها، بعدما رأوا أحد الرفاق يلقي فيها جثّة لم يكن يقوى على حملها. لكنّ العطش كان أقوى من كلّ الاعتبارات، فشرب سمير كما رفاقه من مياه البئر الملوّثة، وهو يتساءل بأيّ سخرية من القدر وصل الأمر بطالب في الطبّ إلى مثل هذا الوضع المزري. وصلت التعزيزات أخيرًا: خمسة مقاتلين متمرّسين ومدرّبين على أفضل وجه، أعادوا المعنويّات إلى فرقة بشرّي الصغيرة التي بدأت تستعدّ للهجوم النهائيّ على السرايا.
عند انتهاء المعركة، وبعد تحقيق الهدف و”تنظيف” المنطقة، استأنف الشباب سيرهم عبر الحقول لاستعادة مواقع جديدة… حين وصلوا أخيرًا إلى مشارف طرابلس، كانت الميليشيات المسيحيّة التي استعادت شكّا واحتلّت منطقة الكورة، مصمّمة على مواصلة هجومها المضادّ. توقّفت الفرقة في بلدة ددّة لتخيّم هناك بين أشجار الزيتون، ريثما يعزّز الرفاق مواقعهم. حين تمكّن سمير أخيرًا من حلّ حذائه العسكريّ الذي لم يكن خلعه منذ خمسة عشر يومًا، تبيّن له أنّ العمليّة أصعب ممّا كان يعتقد، واكتشف بدهشة أنّ جاربيه كانا ملتصقين حرفيًّا بجلده بفعل العرق والقذارة.
… وردت أنباء في صباح أحد أيام تشرين الأولّ/أكتوبر بأنّ دوريّة سوريّة قادمة من قرية إهدن المجاورة، تتّجه صوب بشرّي. همّ الشباب بإقامة حاجز لاعتراض طريقها. علمت الدوريّة بالأمر، فأبلغت قيادتها التي اتّصلت بدورها بأعضاء في الجبهة اللبنانيّة كانوا مجتمعين في مؤتمر في المنطقة. كان ذلك الاتّصال على قدر بالغ من الأهميّة على ما يبدو. فبعد ساعتين، توقّفت سيّارة أنيقة أمام الشباب المتأهّبين عند الحاجز، وفوجئوا بالشيخ بيار الجميّل بنفسه يترجّل منها.
– من المسؤول هنا؟ سأل رئيس حزب الكتائب بتلك البحّة المميّزة في صوته، مقلّبًا النظر بين الشباب.
– كيف الحال شيخ بيار؟ بادره سمير وهو يتقدّم نحوه بخطى واثقة.
– لماذا أقمتم هذا الحاجز؟ أزيلوه.
– لمنع السوريّين من الدخول إلى القرية، لا شأن لهم هنا. سنبقى هنا ما دام ذلك ضروريًّا.
– أنا بيار الجميّل، وأطلب منكم الرحيل، قال الزعيم فاقدًا صبره.
– وأنا سمير جعجع، وأقول لك إنّنا باقون، أجاب الشابّ، بدون أن يهاب مقام الرجل الذي لا تُناقَش أوامره في الحزب، ولا سنّه القريبة من سنّ والده، ثم تابع:
– اتّفاق وقف إطلاق النار حدّد دور القوّات السوريّة كقوات ردع على خطوط التماس وفي مناطق الاشتباكات، وبشرّي لا تصنّف حتّى إشعار آخر ضمن أيّ من هاتين الفئتين. مرور الدوريّة سيُعتبر إمّا عملًا استفزازيًّا من السوريّين، أو دليلًا على احتلالهم هذا البلد.
– حسنًا، أتفهّم وجهة نظرك، لكن فكّر في عواقب قرارك، ختم بيار الجميّل وهو يعود إلى سيّارته.
اقترب الحارس الشخصيّ من جعجع ونصحه خافضًا صوته أن يراعي كرامة الشيخ بيار الذي لم يكن معتادًا أن يعانده أحد. لم يفهم سمير: فالشيخ بيار رغم موقعه وزعامته، كان مخطئًا في هذه النقطة، ومن واجبه هو أن يصحّح هذا الأمر. في النهاية، جرت مناقشات طويلة انتهت بتسوية. أُذن للدوريّة السوريّة بالمرور، لكن بشرط أن يصعد مقاتلان لبنانيّان في كلّ من الآليّات السوريّة إلى حين رحيلها من المنطقة، في خطوة رمزيّة تمنع جيش دمشق من الإحساس بأنّه في موقع قوّة.
حين كانوا يسألون بيار الجميّل لماذا حمل حزبه السلاح، كان يستشهد بتيوفيل غوتييه عندما دخل باريس المحاصرة من البروسيّين، فقال “حين يتعرّضون لأمّي، أهرع”.
سمير أيضًا خاض الحرب بدون سابق تصميم، من باب الضرورة، تدفعه غريزة بقاء خارجة عن المنطق.
الفصل 15: المياه تعود الى مجاريها
كم من الوقت يحتاج المرء للبوح بكلّ ما بقي مكتومًا بين جدران قاعة مقابلاتٍ في سجنٍ طوال أحد عشر عامًا؟
لم تتفوّه ستريدا بكلمة خلال الساعة الأولى من الرحلة. اكتفت بالإمساك بيد زوجها، كأنّما لتتأكّد من أن ما تعيشه حقيقي، وليس حلمًا. ثمّ فجأة، تدافعت الكلمات وسالت في فيض مسهب عشوائيّ، لم ينضب سوى مع هبوط الطائرة في باريس. أرادت ستريدا أن يعرف سمير أوّلًا كم كان التعايش مع الخيانات والتعامل معها صعبًا ومعقّدًا، كم كان من الصعب عليها وعلى الأوفياء للقضيّة، أن يعلموا بأنّ مسؤولين منشقّين كانوا يدّعون خلال زياراتهم له في السجن أنّهم مضطرّون إلى تبديل ولائهم بسبب غياب القيادة على رأس القوّات اللبنانيّة. كان زوجها يستمع إليها مستغربًا مرتابًا بعض الشيء، وهو لا يزال مأخوذًا بالاستقبال الحارّ الذي لقيه في مطار بيروت، فقاطعها مرّة ليقول لها كم تأثّر حين رأى فلانًا يكلّمه “والدمعة في عينه”. كيف له أن يدرك أنّ هذا الفلان نفسه، كسواه من الذين عانقوه بكثير من العاطفة والمودّة في المطار، كان يراهن على غيابه النهائيّ عن الساحة، واثقًا من أنّه لن يراه مجدّدًا على قيد الحياة؟
وصل الخبر إلى العاصمة الفرنسيّة، فتجمّع حوالى مئتين من أنصار جعجع عصرًا في القاعة الكبرى من مطار رواسي، رافعين صور الحكيم وأعلام القوّات اللبنانيّة، في انتظار طائرة إير فرانس التي تقلّه. حضر أيضًا عدد من الصحافيّين، ولا سيّما من قنوات فضائيّة عربيّة، لتغطية الحدث. لكنّ انتظارهم خاب ولم يتمكّنوا من رؤية سمير جعجع، إذ استقبلته السلطات الفرنسيّة لاعتبارات أمنيّة فور نزوله من الطائرة، ونقلته مع كلّ من كان يرافقه في رحلته في موكب خاصّ انطلق مباشرة من مدرج المطار إلى مكان إقامته، في فندق رائع محاط بالأشجار بجوار فرساي.
… “حضرتك سمير جعجع؟ مبروك. إنّني سعيد لإطلاق سراحك،” بادره أحد الحمّالين الثلاثة عند مدخل الفندق، وهو يرفع حقيبته. دُهش الوافدون اللبنانيّون، ولا سيّما أنّهم اتّخذوا مبدئيًّا كلّ الاحتياطات اللازمة حتى يُحاط وصولهم وإقامتهم بسريّة تامّة، فقد تمّ التعرّف إلى قائد القوّات اللبنانيّة من خلال صور له نُشرت في الصحف. أبلغ أقرباء الحكيم المسألة للشرطة المكلّفة أمنه، فطلبت من إدارة الفندق إرسال الحمّال الشابّ في إجازة.
خصّ الفندق سمير جعجع بغرفة شاسعة فخمة، فيها نافذة واسعة تطلّ على متنزّه رائع، غير أنّ الحكيم لم يُبدِ إعجابًا خاصًّا بالمكان. وقفت ستريدا وإدي أبي اللمع يراقبانه بذهول، عاجزين عن تصديق ما يجري، فيما وضع أمتعته، وضّب بعض الأغراض، وتناول الهاتف في حركة طبيعيّة وعفويّة للاتّصال بمكتب الاستقبال، وكأنّه لطالما كان مقيمًا في الغرفة.
… في صباح اليوم التالي، حين دقّ على باب غرفة إدي أبي اللمع ليصطحبه في “جولة الهرولة الصغيرة” التي اتّفقا عليها في اليوم السابق، تبعه رفيق الأوقات الصعبة هذا بدون أن تساوره أيّ شكوك، مرتديًا سروالًا قصيرًا ومنتعلًا حذاءً رياضيًّا. ظنّ هذا المدخّن المزمن الذي تُعتبر حالته البدنيّة متوسّطة، أنّهما سيجريان لمسافة قصيرة حول حديقة الفندق. حقًّا، ما الذي يمكن انتظاره من رجل خارج من أحد عشر عامًا في زنزانة مساحتها ستّة أمتار مربّعة؟ لكن في جولتهما الثالثة حول المتنزّه، اضطرّ إدي إلى الإبطاء بعدما أخذ يفقد أنفاسه، فيما جعجع واصل الهرولة بالوتيرة ذاتها. حتّى إنّ إدي اضطرّ مرّة أو مرّتين، للتعويض عن تأخيره، إلى العبور من وسط الحديقة للّحاق بجعجع الذي لم يبدُ عليه التعب على الإطلاق، بل واصل بعد ستّين دقيقة على انطلاقهما المشي السريع والهرولة بالمناوبة. استسلم رفيقه منهكًا ولم يعد يحاول اللّحاق به، بل انصرف لتصوير المناظر الطبيعيّة بآلة التصوير التي جلبها معه.
حرص جعجع على ولوج حياته الجديدة تدريجيًّا، خطوة خطوة، حتّى لا يباغت التغيير جسده أو نفسيّته، أو تكون وطأته شديدة عليهما. تعامل مع حرّيّته المستعادة مثلما تعامل مع اعتقاله. عمد إلى إدخال أطعمة جديدة يومًا بعد يوم إلى غذائه، وقلّص تدريجًا المدّة المخصّصة لوجباته، بعدما كانت محطّات مميّزة من يوميّاته في السجن، اعتاد التلذّذ بها طويلًا. من دون تسرّع، وعلى إيقاع دقيق، كان يرجئ إلى وقت لاحق كلّ ما يحدس بأنّه غير قادر على احتماله بعد. وفيما كان المحيطون به يتوقّعون أن يُفتَن بكلّ ما يراه، لم يُبدِ أيّ فرحة، ولا حتّى أيّ دهشة حيال أيّ شيء.
… كان يتحدّث عن اعتقاله بكلام دقيق، بدون الإسراف في المشاعر، وكأنّ السجن مرحلة لا بدّ منها في مساره، محطّة مرهقة بالتأكيد، لكنّها في نهاية المطاف طبيعيّة على ضوء المنحى الذي اتّخذته حياته.
… كان من الصعب على جعجع تخطّي بعض ردود الفعل التي اكتسبها في السجن، فكان يجفل وينزعج من الجلبة والأصوات القويّة ورنين الهاتف، حتّى كان لا يزال يشعر بالحاجة إلى الاختلاء بنفسه فترات طويلة. كذلك، كان يطمئنّ لطقطقة المفاتيح تدور في الأقفال، فيطلب أن تقفل جميع الأبواب، وخصوصًا في المساء عندما تحين ساعة النوم، مثلما اعتاد في السجن.
على مرّ نزهاتهما الطويلة معًا والساعات التي كانا يقضيانها وحيدين، استعادت ستريدا يومًا بعد يوم الرجل الذي عرفته قبل أكثر من خمسة عشر عامًا. لكنّها ظلّت تثور كلّما كانت تستعلم عن رأيه في وضع أو موقف جديد، فيردّ على فضولها بعبارات فاترة، من نوع “لا شيء إطلاقًا” أو “كلّ شيء طبيعيّ”، أو تلك العبارة الإنكليزيّة خصوصًا “business as usual”التي باتت محطّ كلام ومزاح بينهما.

Monday, August 10, 2015

سمير جعجع بكل فخر

كتب مدير تحرير “المسيرة” نجم الهاشم في عددها الصادر السبت 26 نيسان: 
لائحة الشرف
23 نيسان 2014 يوم تاريخي في لبنان.
21 نيسان 1994 كان يوما تاريخيًا عند اعتقال الدكتور سمير جعجع.
26 نيسان 2005 كان يومًا تاريخيًا مع انسحاب جيش النظام السوري من لبنان.
23 نيسان 2014 هو رد على 21 نيسان 1994.
سمير جعجع يخرج من الإعتقال إلى المنافسة على منصب رئاسة الجمهورية. هذا الترشيح رد على من أراد أن يلغي الجمهورية وأن ينهي اللعبة الديمقراطية ويجعل نظام الوصاية مؤبدا كما الحكم على سمير جعجع. قالها سمير جعجع في 26 تموز 2005 في مطار بيروت: خرجتم من السجن الكبير فأخرجتموني من السجن الصغير. كان سجن سمير جعجع سجنا للبنان واليوم تتأكد الخطوة الأبرز في استعادة لبنان لحريته وسيادته. هذه الرحلة بدأت في العام 2004 وتوّجت بلائحة الشرف لائحة النواب الذين وقفوا في وجه دولة الوصاية متحدين يتحدّون عهد الإغتيالات التي بدأت بمحاولة اغتيال النائب مروان حماده وتمدّدت إلى اغتيال الرئيس رفيق الحريري ولم تتوقف بعد. ترشيح سمير جعجع هو توسيع للائحة الشرف التي انتفضت وتستمر في الإنتفاض ضد لائحة العار التي غطت الإغتيالات وحاولت اغتيال الوطن وحلم الدولة والجمهورية.
لذلك يبدو اليوم أن التصويت لسمير جعجع هو تصويت للبنان ولحقه في الحياة ولخروجه من سجن الوصاية. لقد أخاف ترشيحه كل الذين لا تهمهم قيامة لبنان ويريدون استمرار نظام القتل. لم يصدقوا أنه سيترشح. كانوا يعتقدون أنه يناور وأنه لن يحصل على تأييد مسيحيي 14 آذار و”تيار المستقبل” وقوى 14 آذار. ولكن كرة التأييد انتقلت من مرحلة إلى أخرى ليصبح سمير جعجع مرشح ثورة الأرز التي تبحث عن رئيس منذ انطلاقها في 14 آذار 2005.
كما لم يكن ترشيح بشير الجميل متوقعا في العام 1982 كذلك كان ترشيح الدكتور سمير جعجع. ولكن بعد ترشحه وبعد تبني “الجبهة اللبنانية” بقياداتها وأحزابها لهذا الترشيح بات بشير الجميل هو المرشح الطبيعي ضد دولة الفساد ودولة الوصاية ومن أجل لبنان الـ10452 كلم مربع. هكذا حصد بشير الجميل التأييد لمشروعه ليس لأنه قائد “القوات اللبنانية” فقط بل لأنه يحمل مشروعا من أجل لبنان. وهكذا هو سمير جعجع اليوم يحمل مشروعا من أجل لبنان.
ليس كامل الأسعد هو من يمسك بناصية القرار في مجلس النواب ولكن اللعبة مفتوحة على الخيارات كلها مع الرئيس نبيه بري. وليس مجلس نواب 1972 هو الذي يذهب إلى ساحة النجمة ولكنه مجلس الـ2009. قبله تم منع مجلس الـ2005 من انتخاب رئيس خلفا للعماد أميل لحود على رغم أن قوى 14 آذار كانت تملك الأكثرية فيه. واليوم يحاولون منع مجلس الـ2009 من انتخاب سمير جعجع مرشح 14 آذار على رغم أن الأكثرية في هذا المجلس كانت لـ14 آذار. في 7 أيار 2008  تم الإنقلاب بالقوة على أكثرية الـ2005 وأرادوا سلب الأكثرية في الـ2009 وعندما لم يحصلوا عليه جددوا الإنقلاب.
لا يريد “حزب الله” رئيسا للجمهورية لا من 14 آذار ولا من المستقلين. لقد تحكم بالحياة السياسية في ظل عهد الوصاية الذي كان يمهد من خلاله لإعلان دولته. الخيار كان وسيبقى بين دولة “حزب الله” والدولة اللبنانية ولذلك يقف “حزب الله” ضد سمير جعجع. حزب الله لا يريد رئاسة الجمهورية وحدها، يريد الدولة كلها. منذ العام 1990 تحكم مع عهد الوصاية بكل مفاصل الدولة الأساسية. مجلس النواب. الحكومة. رئاسة الجمهورية. الأجهزة الأمنية. الإدارات. هذه منظومة متكاملة لا تتجزأ. منذ العام 2005 بدأ “حزب الله” يفقد المبادرة. خسر انتخابات الـ2005 وخسر حكومة ما بعدها وتمسّك ببقاء إميل لحود في قصر بعبدا. نفذ انقلاب 7 أيار ليلغي مفاعيل نتائج انتخابات الـ2005. ومنع انتخاب رئيس للجمهورية حتى تسوية الدوحة التي كان يعتقد من خلالها أنه سيكون له الأكثرية في انتخابات الـ2009. ولكن أمله خاب فلم يفز بالأكثرية في الإنتخابات فعاد إلى لعبة الإنقلابات. أسقط أكثرية 14 آذار. أسقط حكومة الرئيس سعد الحريري واليوم يريد أن يسقط رئاسة الجمهورية. إنه يريد أن يعود إلى عهد الوصاية إلى ما قبل 14 آذار 2005: رئاسة جمهورية ومجلس نواب وحكومة وأجهزة أمنية وإدارات كلها خاضعة لسلطته. لذلك يلعب لعبة التعطيل. وهو لا يريد حتى ميشال عون رئيسا للجمهورية ولا سليمان فرنجية. لا يلعب “حزب الله” بالمفرَّق بل بالجملة. ولذلك سيذهب إلى تعطيل الإنتخابات من أجل منع وصول أي رئيس في هذه المرحلة لأنه يدرك أنه في حال تم تأمين النصاب الإنتخابي للدورات المتتالية فإنه لن يستطيع في مطلق الأحوال أن يوصل رئيسا مثل إميل لحود ولذلك لن يسمح بأية فرصة قد توصل رئيسا لا يريده أيا يكن من 14 آذار أو من الوسطيين. “حزب الله” لم يكن ليقبل بإميل لحود حتى، لو لم تكن لديه المنظومة الكاملة لعهد الوصاية. ولذلك لا يمكنه أن يقبل اليوم لا بقائد الجيش ولا بحاكم مصرف لبنان ولا بهنري حلو ولا بجان عبيد ولا يمكنه أن يغامر بالقبول بأي رئيس عنده قاعدة مسيحية. هدفه انتخابات نيابية أولا يحصل من خلالها على الأكثرية ويعيد من خلالها تكوين عهد الوصاية. لذلك ينتظر موعد هذه الإنتخابات في الخريف المقبل. وينتظر انتخاب بشار الأسد رئيسا في سوريا. هو ليس ضد سمير جعجع لأنه سمير جعجع فقط بل ضد رئاسة الجمهورية بالمطلق بمقدار ما تمثل هذه الرئاسة معنى لبنان وهويته. يعتقد “حزب الله” اليوم أنه سيخرج من الحرب في سوريا منتصرًا وأن النظام السوري تجاوز مرحلة السقوط وأن ترجمة هذا الإنتصار ستكون في لبنان وأن مقاتليه سيعودون من سوريا ليمسكوا بمفاصل الدولة الأمنية والسياسية وأنه بعد ذلك يستطيع أن يربح انتخابات الخريف النيابية وأن يشكل حكومة برئاسته وأن ينتخب الرئيس الذي يريده.
لذلك كله يكون انتخاب سمير جعجع ضد عودة عهد الوصاية. فالمعركة ليست معركة جلسة واحدة وتنتهي المواجهة. إنها معركة ترشيح يجب أن تتوّج بانتخاب رئيس ويجب أن تستمر من خلال استمرار اللعبة الديمقراطية. وإن لم تحصل الإنتخابات الرئاسية ومنعها “حزب الله” ومن معه فإن الهدف التالي يجب أن يكون الإنتخابات النيابية. ولذلك فإن لائحة الشرف التي قامت في العام 2004 ستتوسع لتعيد الحرية إلى لبنان. ومهما تعدّدت الجولات فإن المعركة واحدة وسيبقى الخيار سمير جعجع. حتى لا يستمر عهد القتل والإغتيالات وحتى يكتمل مسار المحكمة الدولية في محاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري الذي كان اغتياله محاولة لاغتيال لائحة الشرف وعودة لبنان إلى لبنان وخروجه من عهد الوصاية. هذه المحاولات بدأت في العام 2001 بعد زيارة البطريرك صفير إلى الجبل وهي مستمرة اليوم تحت عنوان معلن هو منع انتخاب سمير جعجع.
لا تنتهي اللعبة في 23 نيسان فثمة يوم تاريخي آخر ينتظره لبنان عندما تتوسع لائحة الشرف وعندما ينتخب سمير جعجع رئيسا. واللعبة مفتوحة على أوراق كثيرة مستورة وعلى لاعبين باتت لعبتهم مكشوفة. لقد أثبت سمير جعجع أنه نجم جلسة 23 نيسان الأول من دون منازع. وأثبتت 14 آذار أنها لا تزال في قلب المعركة من أجل أن تمنع قلب الموازين. لقد تم اجتياز نصف الطريق. لا شك في أنه مليء بالألغام ولا شك في أن المعركة صعبة وأن النصر صعب ولكنه ليس مستحيلا. فمن كان يتصور أن يكون بشير الجميل رئيسا للجمهورية في العام 1982؟ ومن كان ليتصور أن يخرج جيش النظام السوري من لبنان وأن تنتصر دماء رفيق الحريري على القتلة وأن تنتصر للبنان؟ معركة رئاسة 2014 هي من أجل كل شهداء ثورة الأرز وجماهير ثورة الأرز ولذلك تستحق أن تخاض بكل فخر.

Friday, August 7, 2015

سجون وساحات: إدمون رزق “خيار سمير جعجع صنع منه رمزًا”

كتبت أوغيت سلامة في “المسيرة” – العدد 1434:
ثمانون مرّت ولم تترك إلا ذاكرة متوقدة ومواقف وطنية تعجق تاريخ لبنان باسم إدمون رزق. صدى خُطبه المدوية لطالما عشقتها المنابر، أما مواقفه فتنبع من إيمان أن السياسة نفاق ووحده العمل الوطني وسام على الصدر ورسالة لا تُثقل المنكبين العريضين.
في مكتبه في الأشرفية، النائب طيلة 25 عاماً ووزير العدل والاعلام والتربية الوطنية السابق، إستعاد مع “المسيرة” وكالته بالدفاع عن الدكتور سمير جعجع ونضاله معه في سبيل لبنان ورفضاً لإستفراد قائد “القوات اللبنانية” الذي عرَف وأحب، وتصدياً لطريقة غاشمة كما وصفها في التعامل معه تخرق القانون بإلغائها مبدأ المساواة. الحرّ في مواقفه مهما كلّف الثمن، تولى الدفاع عن الحكيم في تهمة محاولة إغتيال الوزير السابق والنائب ميشال المرّ بعدما لمس واقتنع أن ثمة تصفية حسابات وتهويل يرمي الى ارتداد العبرة على جمهور الحزب القواتي.
إدمون رزق يتذكر في هذا اللقاء محطات المواجهة، ويتصفّح في ملف تلك القضية التي تستحق أن تُجمع في كتاب كما لاحظ بدهشة، يُضّم الى ملحمة تاريخ لبنان المكتوبة بدم الشهداء ونضال شبابه الأوفياء.
عندما طلب منك التوكل عن الدكتور سمير جعجع في ظل الظروف المخابراتية الضاغطة آنذاك ألم تتردّد؟
في الحقيقة عندما إغتيل داني شمعون في العام 1990 كنت وزيرًا للعدل، وطلبتُ حينها من مجلس الوزراء إحالة الجريمة على المجلس العدلي، وبصفتي وزيرًا عَيّنت القاضي منير حنين محققًا عدليًا في القضية وهو الذي أصبح لاحقًا رئيسًا لمجلس القضاء الأعلى، حينها عينته لسببين، أولًا لأنه إبن دير القمر وثانيًا لأنه يوحي بالثقة لآل شمعون.
لاحقًا عندما أوقف الدكتور جعجع جاءت ستريدا وطلبت مني التوكل عن الحكيم بطلب منه، فقلت لها أنا متضامن كليًا مع الحكيم ومقتنع كليًا ببراءته لكن لا يمكن لي التوكل عنه لأني أنا الذي حولت الجريمة على المجلس العدلي وفي أدبيات ممارسة المهنة لا يحق لي التوكل فيها. كان هناك مانع في تحويل تلك القضية بالذات والتوكل فيها. فاعتذرت. أذكر أنها زارتني مع بعض الزملاء المحامين وأبديت تعاطفي وأعربت عن قناعتي ببراءة الدكتور جعجع من جريمتي اغتيال داني شمعون وتفجير الكنيسة على السواء.
بعد عامين فبركوا قصة ميشال المرّ، تصفّحت الملف وأدركت ان القصة مفبركة لان القضية بقيت 4 الى 5 أعوام مجرّد دعوى في المحكمة العسكرية ثم بسحر ساحر حولها قاضي التحقيق العسكري على المجلس العدلي. يومها لم تتحول بقرار من مجلس الوزراء بل استندوا الى نص في قرار العفو الذي رفضته أساسًا في المجلس النيابي وبصفتي وزيرًا للعدل وإعتبرته قانونًا غير دستوري وغير عادل، ذاك النص يقول: تُعتبر محالة على المجلس العدلي الجرائم الواقعة على القادة السياسيين. وبعد 5 سنوات من ملاحقة آخرين معروفين وربما بعضهم إعترف حتى بالجريمة، بعد كل هذه الأعوام رفع القضاء العسكري يده عنها وحولها الى المجلس العدلي باعتبار ان المعني أي الوزير والنائب ميشال المر قائد وطني وزعيم سياسي. هذه الاحالة غير منطقية وغير أخلاقية. وبكل أسف كان هناك ترويج من قبل لفكرة “الآمر الناهي” وأن سمير جعجع الآمر الناهي في حزب “القوات”، ما يعني أن كل ما ارتكب هو المسؤول عنه. وهنا لا شك أن بعض رفاق سمير جعجع وبشهاداتهم هم الذين ورّطوه.
أحكم الطوق حول سمير جعجع ومن دون أي تردّد توكلت في القضية وأنا عندما أتوكل لا أعتبر نفسي وكيلًا مهنيًا بل متضامنًا مع صاحب الحق، وانا أعرف وأحب سمير.
كنت مدركًا أن حماسة سمير جعجع الوطنية وإيمانه بوطنه دفعا به الى الانتقال من طالب طب في السنة الاخيرة الى مدافع عن لبنان كما كل الشباب، فاعتبرت ذلك نوعًا من الشهادة ولا يجوز ان يترك وحيدًا. لذا وبعد تحسّسي لمعاناة الدكتور جعجع وعائلته والخرق الذريع لمبدأ المساواة في القانون إعتبرت توكلي عن الدكتور جعجع في صميم رسالتي كمحام وأنا الحريص على التعاطي مع المهنة وفقًا لطقوسها الأصلية وارتباطها الأساسي بالموقف الفكري، فليس لي أن أدين أو أبرئ، إنما عليّ أن أدافع.
هذا مع العلم أنني أختلفت مع الدكتور جعجع في بعض المواقف السياسية والنظريات، “غلّطوا معي” لكني لم أعتبر أن ذلك يشكل مانعًا في أن أكون الى جانب الحق. لذا أكرّر، توكلت لانني آمنت أنه لا يجوز أن يُستفرد ويُترك وحيدًا، علمًا أنني كنت أعلنت بعد توليّ وزارة العدل أنني لن أمارس المحاماة كمهنة بل كرسالة فقط ولن أنزل الى العدلية الا إذا كان ذلك في سبيل قضية وطنية أو إنسانية.
كأنه يرافع الآن على قوس المحكمة، تستعيد في حديثه “الخِطبة” أجواء تلك القاعة يوم وقف أمام المجلس العدلي وقال:
” … وأسأل من الماثل في هذا القفص؟
أصدقكم أنه تواردت الى بالي صور وأسماء منها: المعتمد بن عبّاد، ومنها أبو فراس الحمداني، ومنها جان دارك، ومنها درايفوس، ومنها مانديللا… لكنني قرّرت بالنتيجة أن الماثل أمامكم هو سمير فريد جعجع، من بشري، مدينة المقدمين، مهد الأرز، رجل قضية من لبنان، رجل قضية… فتى القضية. …. لم أكن مرة في عداد الواقفين ببابه … لكنني اليوم أشعر بجزء كبير مني الى جانبه في القفص او هناك في الزنزانة…
لولا سمير جعجع مجردًا من الألقاب … لولا هذا الناحل الأجلح لما كان الطائف، ولا من يطوفون، ولا كانت حكومات متعاقبة منذ الحكومة الأولى التي توليت فيها ثلاث حقائب مجتمعة. لولا أنه لم يكن على الساحة قابلاً وموافقًا ومنتميًا الى مشروع الدولة بكليته لما بقي من هذا الكيان الموّحد شيء….”.
تقارن موقفه الجريء بموقف غبطة البطريرك صفير عندما سأل، وهل سمير جعجع وحده قائد ميليشيا في حرب لبنان ليحاكم وحيدًا؟ “ينرفز” ويؤكد:
لست مثل أحد ولو كان غبطة البطريرك، أنا تعاطفت وأخذت موقفًا ضد تلك الطريقة التي فيها إمتهان للعدل وإنتقاص لكرامة الانسان واعتداء واستهداف لفئة من الناس دافعت عن لبنان.
تضامنت على رغم كل الضغوط ولم أسكت على رغم الخطر الداهم بوجهنا، وكانت جزين مستفردة ومقطوعة. انا بمواقفي المبدئية ما “بعمل حسابات” كنت أزوره في السجن وأتحمل أمورًا لا تحدث معي كـ “إدمون رزق”. لكن كوكيل لسمير جعجع كنت أتحمّلها.
كنت نائبًا لمدة 25 عامًا ووزيرًا للتربية الوطنية والفنون الجميلة والاعلام منذ العام 1973، وكنت وزيرًا للعدل، لكني إعتبرت أنني موقوف مع سمير جعجع، هو موقوف تحت الارض وانا أنزل اليه تحت الارض. وأنا بالعادة كنت اذا قصدت وزارة الدفاع إما يلاقيني وزير الدفاع وإما قائد الجيش، صرت بدي أوقف مع المحامين الشباب معي…كانوا هم يخلصون معاملات المواجهة الشكلية وأنا أنتظر.
لقاؤك الأول بالدكتور جعجع كان الإثنين 11 أيلول العام 2000 قلت يومها أنك تلتقيه بعد إنقطاع دام 1230 يومًا أي أنك كنت تعد الأيام، ماذا بقي من تلك اللقاءات في الذاكرة؟
في اللقاءات كانت تبدو معنوياته عالية يلاقينا بالمودة، وكنا نكلمه من خلف الحاجز الزجاجي، ودائمًا تحت الرقابة. كانوا يأتون به معصوب العينين ومكبلًا. معنوياته كانت دائمًا قوية لأن إيمانه كبير وكان يطلب الكتب دائمًا.. وهنا أريد أن أنوه بشباب “القوات” الذين كانوا خارج السجن فهم مفخرة للبنان وللإنسانية لما تحملوه من ملاحقات وإضطهاد.
تبنيت القضية الى النهاية وكنت أعتبر أنني لا أعمل من أجل سمير جعجع بل من أجل قضية وطنية تأتي في إطار تحقيق العدالة وفي سبيل الكرامة الانسانية وكنت أدافع عن سمير جعجع من خلال القيم الوطنية.
تعرضت للاضطهاد والتهديد كما كل الذين أيّدوا هذه القضية؟
قبل قضية سمير جعجع تعرض بيتي في سن الفيل للقصف وبيتي في جزين للنسف وسيارات اولادي للتفجير ولم يثنني شيء عن قناعاتي. أنا توقفت عن العمل السياسي قبل أن أتسلّم قضية الدكتور جعجع لأنني كنت رافضًا للإنتخابات على رغم الإغراءات والعروض وأخذنا موقفًا بالمقاطعة العام 92 على رغم العروض. سمير جعجع لم يقبل أيضًا وصدر مرسوم تعيينه وزيرًا مرتين.
لا أريد أن أقول إنه كان لدى أحدهم وقاحة أن يتصدّى لي شخصيًا لأن كل الموجودين في السلطة كانوا أساسًا ذوي أحجام معروفة. ما من شك ان أي مصلحة لي لم تكن تمرّ، كان هناك مهابة عُمرها سنوات من العمل الوطني.
وكالتي عن سمير جعجع كانت تأكيدًا لمسيرتي المهنية في الدفاع عن القيم والعدالة وما كانت القصة ان سمير جعجع بريء أو لا، كان له الحق بمحامين الى جانبه وهنا أريد أن أنوّه بكل المحامين الذين وقفوا الى جانبه خصوصًا النقيب عصام كرم وإدمون نعيم وموسى برنس رحمهما الله وأسعد أبي رعد وسميح بشراوي وأنطوان مارديني وإيلي لحود وجهاد عبدلله والجميع ممن عملوا وكالات عن الدكتور جعجع للمهنية العالية والاندفاع، كانت أسماء كبيرة جعلت القضية تبقى في ذهن الرأي العام. وهنا أريد أن أنوّه أيضًا بكل الشباب وبستريدا و”المسيرة” وفيفيان وكل الصحافيين والشباب الذين واجهوا. البعض منهم ربما ضعفوا لكن لولا التزامهم ما كانوا تعرّضوا.
تخطى الموضوع الحقوقي ولعب دورًا إعلاميًا كبيرًا عبر إبقاء الجذوة الإعلامية متوقدة كما يحب أن يصفها ومما كتب رسالة بعنوان “رسالة إليه… وإن لم يقرأها” نشرت في “المسيرة” في فصح العام 2004 ختمها: “… وأقول يا عزيزي سمير إن أشرف ما يقوم به مجلس النواب، تكفيرًا عن زلّات كثيرة وإستعادة لاعتبار، وكل الماثلين في السلطة المحلية، هو أن يبادروا معًا، وفورًا، الى إنجاز إقتراح القانون المعجّل المكرّر لمحو وصمة إعتقالك، والتطهّر من جريمة منع المصالحة، بين العائلات الروحية وأبناء الشعب الواحد، وطي صفحة الحروب العبثية نهائيًا، واسترجاع لبنان المجتمع الانساني، الوطن الرسالة…
عزيزي سمير، أنت لا تستجدي، ولا نحن نستعطي لكننا ننصح، ونأمل… يقينًا منا أن الرجال هنا، حاضرون، وأن الرجال، لا محالة راجعون”!
فهل تبادر الى ذهنه يومًا أن هذه الرجعة التي توقعها ستعيد الدكتور جعجع للعب هذا الدور الوطني اليوم؟ يجيب:
“لم أفكر يومًا أن سمير جعجع سيخرج من السجن ويلعب دورًا سياسيًا بهذا الحجم بل كنت أفكر أنه سيحصل على العدالة ويخرج من بعدها الى الحرية.
سمير قال لي مرة “الحرب هي الحرب وفي الحرب حاربنا. لكن خارج الحرب ما ارتكبنا”. دفعنا ثمن هذا البلد دمًا، وأنا اليوم على مشارف الثمانين “في 11 آذار بيصير عمري 80″ ومستعد أن أدافع عن لبنان.
انا خطيب في عاشوراء منذ 50 عامًأ، ليلة الوقيعة في اليوم العاشر من محرّم وكانت المواجهة قد بدأت منذ الأول من محرّم بين يزيد والحسين الذي أتى من مكة الى الفرات لنجدة جماعته، ليلتها قال لهم “إذهبوا خذوا الليل سترًا” فقالوا له “لا خير في الدنيا بعدك”. يعني من له قضية لا يهرب، لا كمن له مصلحة يلتمسها في كل مكان ويرى أين مصلحته أكبر ويهرب من المواجهة ويترك بلده.
أنا مثل سمير رفضت رئاسة الجمهورية العام 89 بعد إغتيال رينيه معوض، لأنها كانت مشروطة بأخذ “البركة”.
يمكن للانسان منا أن يقول لا، ونحن رفضنا أن نبقى وزراء في العام 92 ، رفضنا ولم يقصنا أحد فنحن لا نقايض كرامة بمكسب”.
أنت إذًاً مع خِيار سمير جعجع مع أن كُثرًا لاموه واعتبروا أنه كان يجب أن يفعل كما غيره ويدير “القوات” من الخارج؟
لقد إتخذ الخِيار اللائق والمشرّف. لو خرج من لبنان لكان صفّى القضية. خياره هو الذي صنع منه سمير جعجع الرمز وليس فقط القائد.
خروج سمير جعجع ووجوده في موقع سلطة فاعل ومؤثر اليوم يحمّله مسؤولية كبرى ويفرض عليه تأهيلاً مُستدامًا. ربما وحده خرج من السجن وعاد وجنى الكثير من سجنه، لكن كثرًا عانوا ودفعوا الأثمان ويجب أن يُعتبروا شركاء. لا نريد إقصاءً لأحد لأن الإقصاء ينقض كل ما حصل من توظيف للمعاناة للوصول الى هذه المرحلة.
بين أكثر من مئتي صفحة من الملف الذي جمع فيه مرافعاته عن الدكتور جعجع والمذكرات التي رفعها الى البطريركية المارونية والفاتيكان والأمم المتحدة، والمقالات التي كتبها لوقد نار الشُعلة… تنظر اليه وتسأل: هل سيحظى لبنان برجالات من هذا الطراز في زمن صار الوطنيون من الرجال… قليلُ؟!
*لأن السجون تعبت من صلابتهم ولم يتعبوا، ولأن الساحات ضاقت بنضالاتهم ولم يستكينوا، ولأنهم بيومياتهم وكل من موقعه أكملوا لوحة الـ4114 يوماً التي رسمها سمير جعجع بالايمان والصمود والرجاء، ينشر موقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني بالتعاون مع مجلة “المسيرة” ما عرضته في خانة “سجون وساحات” من حكايات رفاق ستبقى خالدة في وجدان القضية.